حرب الرسوم الجمركية وحظر تيك توك.. كيف يعيد ترامب رسم خريطة الاقتصاد العالمي؟

حرب الرسوم الجمركية وحظر تيك توك.. كيف يعيد ترامب رسم خريطة الاقتصاد العالمي؟
جمارك ترامب ترعب العالم

يعيد دونالد ترامب، المعروف بلقب "رجل الرسوم الجمركية"، إشعال فتيل المواجهة الاقتصادية ذات الأبعاد الجيوسياسية العميقة، يتحدى ترامب المبادئ التقليدية لعلم الاقتصاد، معتمدًا على سياسة حمائية صارمة تهدف إلى حماية الاقتصاد الأمريكي وتعزيز هيمنته التجارية العالمية.

يرى ترامب في التعريفات الجمركية ليس فقط وسيلة لحماية الصناعات المحلية، بل أيضًا أداة ضغط سياسي واقتصادي على الشركاء التجاريين الرئيسيين مثل كندا، المكسيك، والصين، هذه السياسات تثير تساؤلات حاسمة حول قدرة الاقتصاد الأمريكي على تحمل تداعيات مثل هذه المواجهة، وما إذا كانت ستؤدي إلى تعزيز التفوق الاقتصادي أم ستدفع البلاد نحو دوامة من التضخم والانكماش قد تهدد أسس قوته الاقتصادية العالمية، عبر موقع صوت المجلة، نكشف لكم التفاصيل

تصعيد جمركي شامل

باستخدام قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية لعام 1977 (IEEPA)، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية بنسبة 25% على جميع السلع الواردة من كندا والمكسيك، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 10% على كل من منتجات الطاقة الكندية والبضائع الصينية.

بهذه الرسوم، يهاجم ترامب شركاءه التجاريين الرئيسيين الثلاثة، الذين يمثلون مجتمعين أكثر من 40% من الواردات إلى الولايات المتحدة، ففي عام 2023، اشترت كندا والمكسيك سلعًا وخدمات أمريكية بقيمة 808 مليارات دولار، وفقًا لمكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة الأمريكية، بينما أرسلت كندا والمكسيك سلعًا بقيمة 1.01 تريليون دولار إلى الولايات المتحدة.

القطاعات الاقتصادية الأكثر تأثرًا

هذه القرارات قد تؤدي إلى أضرار كبيرة في عدة قطاعات حيوية، منها:

  • تصنيع السيارات والإلكترونيات في المكسيك.
  • معالجة المعادن في كندا.
  • الزراعة، وصيد الأسماك، وإنتاج السيارات في الولايات المتحدة.

تعتمد شركات صناعة السيارات الأمريكية، وخاصة الثلاثة الكبار التقليديين، على مصانع في البلدان الثلاثة، كما أن 16% من قيمة السيارة المصنوعة في الولايات المتحدة مستمدة من العمل الذي يجري في المكسيك أو كندا.

التضخم وارتفاع الأسعار

يكمن الخطر الأكبر في الارتفاع الجنوني المتوقع في الأسعار، بما في ذلك:

  • متاجر البقالة.
  • محطات الوقود، خصوصًا في الغرب الأوسط الأمريكي، حيث يتم تكرير النفط الكندي وتحويله إلى وقود.

يحذر المحللون من أن هذه الرسوم قد تؤدي إلى التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي، مما يهدد بتراجع الاقتصاد الأمريكي إلى مرحلة الركود.

مبررات ترامب وردود الفعل الدولية

برر ترامب قراره بفرض الرسوم الجمركية بأنه رد على فشل كندا والمكسيك في السيطرة على الهجرة غير النظامية وتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، ورغم ذلك، تجنبت صناعة النفط الكندية أسوأ هذه الرسوم، مع فرض ضريبة بنسبة 10% فقط، في محاولة من البيت الأبيض لتخفيف التأثير التضخمي على سائقي السيارات الأمريكيين، إذ تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على واردات النفط الخام، حيث تأتي 40% من الكميات المكررة من الخارج، وتشكل كندا 60% والمكسيك 11% من هذه الواردات.

من جانبه، أكد البيت الأبيض أن التعريفات الجمركية الجديدة ستظل سارية حتى يتم حل أزمة الهجرة والمخدرات، في المقابل، تعهدت الدول الثلاث بالرد بفرض تعريفات جمركية مضادة، ما يمهد الطريق لحرب اقتصادية ستترك صداها في الأسواق العالمية.

ترامب
ترامب 

 

التصعيد مع الصين وأوروبا

تمتلك العديد من الشركات الأمريكية استثمارات ضخمة في الصين، ويمكن لبكين أن ترد على قرارات ترامب عبر فرض قيود صارمة على هذه الشركات، مما قد يجعلها أقل ربحية أو غير قادرة على العمل بفعالية داخل السوق الصيني.

ولم يقتصر الأمر على أمريكا الشمالية، فقد أعلن ترامب أنه سيفرض رسومًا جمركية على الاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب.

ما وراء التعريفات.. صراع على الهيمنة العالمية

هذه الحرب التجارية ليست مجرد صراع على الرسوم الجمركية أو المكاسب الاقتصادية قصيرة الأجل، بل معركة من أجل الهيمنة العالمية، تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على موقعها كقوة عظمى في مواجهة الصعود الصيني والتوسع الاقتصادي المتسارع، ولكن الثمن سيكون باهظًا، مما يحدث تضخم مفرط وتباطؤ اقتصادي، مع انهيار محتمل لبعض القطاعات الحيوية.

تيك توك.. من النجاح الرقمي إلى الصراع السياسي

وسط هذه التوترات، يبرز تيك توك كواحدة من أبرز المفاجآت التي اجتاحت العالم، بدأ كتطبيق لمشاركة الفيديوهات القصيرة، لكنه تحول إلى منصة رقمية ضخمة جذبت الملايين حول العالم.

نجاح تيك توك المذهل

أُطلق التطبيق في عام 2016 بواسطة شركة بايت دانس الصينية، وبفضل خوارزميات الذكاء الاصطناعي، نجح في جذب المستخدمين بسرعة، ليصبح التطبيق الأكثر تحميلًا عالميًا بحلول 2020، مع أكثر من مليار مستخدم نشط شهريًا.

في الولايات المتحدة وحدها، وصل عدد مستخدميه إلى 170 مليون شخص، معظمهم من الشباب والمراهقين، ما جعله مساحة حيوية للتعبير عن الذات.

مخاوف أمنية وتصعيد أمريكي

لكن مع زيادة شعبيته، بدأت المخاوف السياسية والأمنية تتصاعد، إذ ظهرت شكوك حول كيفية استخدام تيك توك لبيانات المستخدمين، مما دفع وزارة الدفاع الأمريكية عام 2019 إلى تصنيفه كتهديد محتمل للأمن القومي.

في عام 2020، اتخذ ترامب قرارًا بمحاولة إجبار بايت دانس على بيع عمليات تيك توك لشركة أمريكية، مهددًا بحظره، ورغم المفاوضات، رفضت الصين بيع خوارزميات التطبيق، مما أدى إلى تعثر الصفقة.

بعد تولي جو بايدن الرئاسة، تم تعليق الحظر مؤقتًا، لكن الشكوك استمرت. وفي يناير 2025، أصدرت المحكمة العليا الأمريكية قرارًا بحظر تيك توك نهائيًا، مما أدى إلى إزالته من متاجر التطبيقات وإيقاف خوادمه داخل الولايات المتحدة.

خسائر بالمليارات وتأثير عالمي

نتج عن الحظر خسائر لبايت دانس تقدر بـ 1.5 إلى 2 مليار دولار سنويًا، فما تضررت الشركات الصغيرة التي تعتمد على تيك توك في التسويق، بخسائر تجاوزت مليار دولار خلال الشهر الأول فقط، فقدان صناع المحتوى الأمريكيين أرباحًا تقدر بـ 300 مليون دولار.

مع غياب تيك توك، اتجه المستخدمون إلى تطبيقات بديلة مثل Reels من ميتا وYouTube Shorts من جوجل، في الوقت نفسه، تحاول بايت دانس تعزيز وجودها في الأسواق الناشئة، لكن الحظر الأمريكي يظل نقطة تحول تاريخية.

اقرأ أيضًا:

100 ألف توقيع لعزل ترامب.. هل ستشعل هذه الحملة ثورة سياسية تهز الولايات المتحدة؟

بعد تصريحات ترامب.. مصر ترفض مخطط تهجير أهالي غزة وتدعو لإعادة إعمار القطاع

السيسي يوجه دعوة لترامب لزيارة مصر.. ومباحثات حول وقف إطلاق النار في غزة ومسار السلام

حوار إيجابي.. تفاصيل مكالمة ترامب بالرئيس السيسي حول وقف إطلاق النار في غزة

العلامات

موضوعات ذات صلة

تعليق / الرد_من