كيف انتصرت مصر اقتصاديًا بعد حرب أكتوبر وتحدت كل الظروف العالمية؟

وسط دخان المعارك وأصوات المدافع التي كانت تدوي في سماء أكتوبر عام 1973، لم تكن مصر تواجه فقط عدو عسكري بل كانت تتحدى أزمات اقتصادية خانقة.

في السطور التالية عبر موقع "صوت المجلة"، نستعرض كيف انتصرت مصر اقتصاديا في حرب أكتوبر، وكواليس عن النصر المجيد.

 

اقتصاد منهك في حرب أكتوبر

كانت اقتصاد مصر قبل اندلاع حرب 1973، منهك من حروب متتالية، بسبب احتلال سيناء، ومعناة الدخل القومي من أعباء حرب الاستنزاف، التي تراكمت تاركة اقتصادًا ينزف ويصارع للبقاء.

ولكن مع أول إِشارة لبدء المعركة تغير كل شئ، حيث تلاشت كل العقبات وتحولت موارد الدولة إلى سلاح واحد يهدف لاستعادة الأرض والكرامة.

اقرأ أيضًا.. أسسوا سابع أقوى اقتصاد في العالم.. كيف ساهم المهاجرين المغاربة في جعل فرنسا قوى عظمى؟

نكسة 1967

كانت الجبهة الاقتصادية تعاني من ضربات لا تقل ضراوة عن تلك التي تواجهها القوات على خط الدار، كان الاقتصاد المصري في تلك الفترة يعاني من التحديات التي خلقتها نكسة 1967.

والتي زادت من نزيف الموارد والاستنزاف المستمر على مدى السنوات التي تلتها،

أما عن الصورة الاقتصادية القاتمة، تجاوز التضخم الـ 15%، وأصبحت البطالة تتفاقم حتى وصلت إلى 7.7%.

وتراجع الإنتاج الزراعي والصناعي وقتها، بينما كانت القوات المسلحة تخوض معركة البقاء والتحرير كان الاقتصاد المصري يكافح على جبهة أخرى، حيث تفاقم العجز في الميزانية، وتراجعت الاستثمارات الأجنبية والاحتياطي النقدي لتغرق مصر في دوامة من التحديات الاقتصادية التي بدت كحرب أخرى لابد من خوضها.

 

الإنتاج الحربي

في 6 أكتوبر عام 1973، وضعت مصر كل مواردها المتاحة في خدمة المجهود الحربي وتحولت المصانع لورش لتصنيع المعدات العسكرية.

وتكبدت خسائر مالية تقدر بنحو 11 مليار دولار أمريكي، ثم توجية الإنتاج بالكامل لدعم الجيش على الجبهة.

ومع هذا التحول الكبير زاد اعتماد مصر على الدعم الاقتصادي العربي، حيث لعبت المساعدات المالية والتي بلغت قيمتها  2.5 مليار دولار من السعودية والكويت، دورا هاما في نمو الاقتصاد.

لكنها لم تكن كافية لتجنب الأثار الاقتصادية المباشرة للحرب، وانتهت الحرب لكنها خلقت اقتصادًا منهكًا، بسبب الديون والعجز المتزايد، فتضاعفت الديون الخارجية حوالي 5.6 مليار دولار في عام 1975.

 

عجز الميزانية

تجاوز العجز في الميزانية 40% من الناتج المحلي الإجمالي، وتفاقمت معدلات البطالة حتى 10% وانخفض معدل النمو الاقتصادي الذي كان يتراوح بين 6 لـ 7%، ولكن بعد الحرب تراجع لحوالي 3 لـ 4%.

مما شكل عبئ كبير على الاقتصاد لتصبح إعادة بناء الاقتصاد تحديد حقيقي أمام القيادة المصرية.

وبدأت مصر رحلة البحث عن استراتيجيات للخروج من هذه الأزمة، كنقطة تحول من المشهد القادم إلى مستقبل جديد.

وبعد أن وضحت الحرب أوزارها، كان لابد من مواجهة التحديات الاقتصادية بنفس الشجاعة، كاولويات ملحة بالتعافي التدريجي لاقتصاد يطمح للنهوض وقنوات الاستثمار.

 

كيف انتصرت مصر اقتصاديًا بعد حرب أكتوبر

حيث اتجه الرئيس السادات نحو سياسة الانفتاح الاقتصادي، وبدأ في تحرير الاقتصاد المصري من القيود الاشتراكية التي فرضها النظام السابق، فتم فتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية والمحلية.

وأصدر قانون الاستثمار عام 1974 لجذب رؤوس الأموال الأجنبية بشكل كبير، حتى وصل لـ 1.5 مليار دولار بحلول نهاية الـ 70 أي بقيمة 200 مليون دولار.

ثم عمل على إعادة بناء البنية التحتية التي تأثرت بالحرب، لتحديث شبكات النقل والمواصلات وبناء مصانع جديدة مثل مصنع النصر ومصانع أسمدة وتطوير المشاريع الزراعية لتحسين الإنتاج الزراعي.

كما تم إعمار منطقة قناة السويس، حيث استثمرت أموال كبيرة في تطوير الموانئ والمناطق الصناعية، خاصة بعد استعادة سيناء لاستغلال ثرواتها الطبيعية، مثل البترول والغاز بجانب الدعم العربي الخليجي والدولي.

وارتفعت معدلات النمو الاقتصادي لتصل لـ 6.4 في عام 1976، وتحسنت الاحتياطات النقدية، كما ساعدت اتفاقية السلام مع إسرائيل التي أبرمت في عامي تقليل الانفاق العسكري.

مما أتاح توجية مزيد من الموارد نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبناء المستشفيات والمدارس.

كانت حرب أكتوبر بمثابة الانطلاقة التي اطلقت العنانة لطموح الأمة، ورسمت فيها مصر طريقًا جديدًا نحو النهوض من رماد الحرب وضباب المعارك.

العلامات

موضوعات ذات صلة

تعليق / الرد_من