الإبساس في العلاقة الزوجية: الأسباب والحلول من منظور علمي وديني

الإبساس في العلاقة الزوجية هو مشكلة عاطفية وجسدية تؤثر على التناغم بين الزوجين. قد ينشأ نتيجة قلة التواصل، الضغوط النفسية، أو التوقعات غير الواقعية، ويظهر على شكل نفور أو برود عاطفي. هذه الحالة تؤدي إلى تدهور العلاقة بين الزوجين، ما يستدعي العلاج من خلال تعزيز الحوار والتفاهم المتبادل. في هذا المقال، يستعرض لكم صوت المجلة أسباب الإبساس، كيفية تشخيصه، طرق معالجته، وكذلك كيف تناول الإسلام هذه القضية من خلال تعاليمه وتشجيعه على المودة والرحمة بين الزوجين.

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوث الإبساس في العلاقة الزوجية، ومنها:
• انعدام التواصل: سواء كان عاطفيًا أو جسديًا، فإن قلة الحوار بين الزوجين قد تؤدي إلى مشاكل في العلاقة.
• الضغوط اليومية: مثل ضغوط العمل، أو التحديات المالية التي تؤثر على الحالة النفسية للأزواج.
• الروتين والملل: الحياة الزوجية قد تصبح مملة إذا لم يتم تجديد العلاقة أو إضافة بعض الأنشطة المشتركة.
• المشاكل الشخصية: مثل عدم التوافق العاطفي أو التوقعات الغير واقعية من الشريك.
• الفقدان العاطفي: عندما يشعر أحد الطرفين بعدم الاهتمام أو الانشغال التام عن الآخر.

يتم تشخيص الإبساس من خلال ملاحظة سلوك الزوجين ومدى توافقهما العاطفي والجسدي. إذا كان هناك انخفاض ملحوظ في الاتصال العاطفي أو الجسدي بين الزوجين، أو كان أحدهما يشعر بالتحفظ أو التوتر عند التفاعل مع الآخر، فقد يكون هذا مؤشرًا على وجود الإبساس.

• تعزيز الحوار المفتوح.
• تجديد الأنشطة المشتركة.
• الاستعانة بالاستشاريين الزوجيين عند الحاجة.

الإسلام يُشدد على أهمية التواصل والرعاية بين الزوجين. الزواج في الإسلام ليس مجرد علاقة جسدية، بل هو عقد يشمل المودة والرحمة بين الزوجين. وبناءً على ذلك، يجب على كل طرف بذل جهد لتحسين العلاقة وتجاوز أي مشاعر سلبية قد تؤثر عليهما.

الإسلام يعزز أهمية العلاقة الزوجية المبنية على المودة والرحمة. يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ”، وهو أمر للزوجين بالتحلي بالرحمة والاحترام. كما أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم حث على احترام حقوق الزوجة والعناية بها.

ابن كثير في تفسير قوله تعالى “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ” في سورة النساء يشرح أن المعاشرة بالمعروف تعني التعامل مع الزوجة بالحسنى، بالرحمة والاحترام والمودة. يشمل ذلك حسن المعاملة في جميع الأمور، سواء في الكلام أو الأفعال، ويؤكد على أن العلاقة الزوجية يجب أن تقوم على التفاهم والرأفة. وذكر أن المعاشرة بالمعروف تشمل أيضًا تحمل بعض المشاق والضغوط في الحياة المشتركة بشكلٍ طيب.

وقد فسّرها الطبري على أنها تتضمن الإحسان في التعامل، والاعتناء بالحياة الزوجية، والابتعاد عن الإساءة. كما أضاف أن الإسلام يحث على التفاهم والتعاون بين الزوجين في جميع شؤون الحياة، بحيث يظل الاحترام المتبادل هو الأساس في العلاقة.

 

حديث النبي صلى الله عليه وسلم “لا يقع أحدكم على امرأته كالبَهِيمَةِ” يتحدث عن أهمية الرحمة والتفاهم بين الزوجين أثناء العلاقة الحميمية. يوضح هذا الحديث ضرورة أن تكون العلاقة الزوجية مبنية على الاحترام المتبادل والمودة، وليس مجرد إشباع رغبات جسدية. يشير العلماء إلى أن هذا الحديث يحث على أن تكون العلاقة قائمة على الود، التفاهم، والرحمة بين الزوجين، وأن يتم التعامل مع الشريك بشكل يعكس الاحترام والرغبة في إرضائه، وليس بطريقة جافة أو غير إنسانية.

يمكن ربط حديث النبي صلى الله عليه وسلم “لا يقع أحدكم على امرأته كالبَهِيمَةِ” بمفهوم الإبساس في العلاقة الزوجية. فالحديث يعكس ضرورة احترام الشريك في العلاقة الحميمية، بعيدًا عن الجفاف واللامبالاة. ويشير إلى أهمية العاطفة والرحمة المتبادلة، مما يعزز العلاقة ويجنبها الفتور أو الأذى النفسي والجسدي الذي قد ينشأ نتيجة الإبساس، أي العلاقة التي تفتقر إلى الود والتفاهم.

كذلك يُعتبر من الإبساس أن يعاشر الرجل زوجته وهي غير راضية. في الإسلام، المعاشرة يجب أن تكون برضا الطرفين، ويجب على الرجل احترام مشاعر زوجته وحقوقها. أما معاشرتها في الأماكن المحرمة أو في وقت غير مناسب، فيُعد ذلك مخالفًا لما هو شرعي. الإسلام يركز على أن العلاقة الزوجية يجب أن تقوم على التفاهم، الاحترام المتبادل، والرغبة المشتركة بين الزوجين لتحقيق حياة هادئة ومستقرة.

وهذا الفيديو للدكتور السيد الشرقاوي يوضح فيها الحكم الشرعي عن 3 أماكن تحرم فيها المعاشرة بين الأزواج

 
في ختام الحديث عن الإبساس في العلاقة الزوجية، يتضح أن العلاج يتطلب فهمًا عميقًا لأسس العلاقة الزوجية الصحيحة المبنية على الاحترام المتبادل والرغبة المشتركة. يجب على الزوجين التواصل الجيد بينهما، مع العمل على حل المشكلات بحكمة وتفاهم، وتقديم الدعم العاطفي والنفسي لبعضهما البعض. كما ينبغي أن تراعى الرغبات والحقوق الجنسية لكل طرف، مع تجنب الإجبار أو المعاشرة في الأماكن المحرمة. من الأهمية بمكان أن يقوم الزوجان ببناء حياة قائمة على الحب والمودة، وفقًا للمبادئ الإسلامية التي تحث على المعاشرة بالمعروف وتقدير مشاعر الآخر.

لا تنسى ان استشارة مختصين في العلاقات الزوجية تعتبر خطوة هامة للغاية عند مواجهة الإبساس. فالمستشارون الأسريون يقدمون رؤية موضوعية ونصائح علمية تساعد الزوجين على معالجة المشاكل بطرق بنّاءة. هم قادرون على تحديد الأسباب العميقة للمشاكل، وتوجيه الأزواج نحو أساليب تواصل أفضل، إضافة إلى تقديم حلول متخصصة من خلال تقنيات علاجية مثل العلاج المعرفي السلوكي. يمكن لهذه الاستشارات أن تساعد في استعادة التفاهم والود بين الزوجين، مما يسهم في تعزيز العلاقة الزوجية والحد من الفتور العاطفي.

ايضاً الاستراتيجيات النفسية تُعد من الأدوات الفعّالة في التعامل مع الإبساس في العلاقات الزوجية. تشمل هذه الاستراتيجيات تقنيات مثل العلاج السلوكي المعرفي، الذي يساعد الزوجين على التعرف على الأنماط السلبية في تفكيرهم وتصحيحها. كما يمكن استخدام تمارين الاسترخاء والتأمل لتحسين التفاعل العاطفي والجسدي. تعمل هذه الاستراتيجيات على تعزيز التواصل الفعّال بين الزوجين، وتقوية مشاعر الدعم والاهتمام المتبادل، مما يسهم في تقليل الفتور العاطفي والإنعاش العاطفي للعلاقة.