أول انتصار في حياة نابليون بونابرت.. ماذا تعرف عن معركة ريفولي بين فرنسا والنمسا؟

شكل نابليون بونابرت نقطة فارقة في تاريخ الحملة الفرنسية، وأطلق على الحروب التي خاضها (الحروب النابليونية)، فهو يعتبر أحد أشهر قادة وملوك فرنسا والذي لمع اسمه خلال أحداث الثورة الفرنسية، حيث شن حملات عسكرية ناجحة ضد أعداء فرنسا وجلب النصر لشعبه، في سلسلة من الانتصارات المبهرة استطاع خلالها إقامة امبراطورية هيمنت على معظم أنحاء أوروبا.

ونرصد لكم عبر "صوت المجلة"، تفاصيل معركة نابليون الأولى وهي معركة ريفولي، فمن هم أطراف النزاع، وما الأسباب وراء نشوبها وأحداثها؟

التفاصيل الكاملة حول معركة ريفولي

تعتبر الثورة الفرنسية هي كلمة السر التي فتحت الباب للحروب النابليونية، فبعد أن قامت الثورة الفرنسية عام 1798 نشأت الجمهورية الأولى، فلم يكن الأمر سهلا على أباطرة أوروبا، فقد مثل لهم هذا الحدث تهديدًا واضحًا لملكهم، فخيم القلق والتوتر عليهم، والذي تسبب في زيادة الأمر سوءً هي واقعة اعتقال الملك لويس الـ 16 والملكة ماري انطوانيت.

ويعتبر الإمبراطور الروماني المقدس ليوبولد الثاني ملك بلجيكا، شقيق ماري وداعمها الأول، فقرر الاستعانة بفردريك وليم الثاني قيصر بروسيا في إرسال إنذار شديد اللهجة، يتضمن تهديدًا واضحًا، يتلخص في أنه في حال تم المساس بماري أنطوانيت والملك المعتقل برفقتها.

وجاء الرد الفرنسي صادمًا، إذ أعلنت الجمهورية الأولى إعلانها الحرب على النمسا، فقد جاءت البداية من الطرف الفرنسي الذي أعد حملة للسيطرة على ممتلكات النمسا في هولندا، لكن يبدو أن التسرع في اتخاذ تلك الخطوة جعلها عرضة للفشل، فقد كان ذلك بسبب انخفاض معنويات الجنود وفرارهم من أرض المعركة، ولكن سرعان ما استعد الجيش روحه من جديد وحقق النصر في معركة أخرى.

وقررت الحكومة الفرنسية تصعيد وتعقيد الأمور ونفذت حكم الإعدام في حق الملك لويس السادس عشر والملكة ماري أنطوانيت.

وهذه الواقعة اشعلت الغضب الأوروبي ليمهد الطريق سريعا لإنشاء التحالف الأول المكون من النمسا وروسيا وبريطانيا وأسبانيا وهولندا والبرتغال ونابولي.

فلم يكن الجانب الفرنسي في معزل عن أخبار هذا التحالف وإدراك قوته، فعزموا على تكوين جيش ضخم يضم أكبر عدد من المجندين والمقاتلين الفوارس، حي لجئوا إلى ما عرف بالتجنيد الجماعي وفيه تم التجنيد الإجباري لكل شاب أعزب في الفترة العمرية ما بين 18 لـ 25 بعد فحص طبي للتأكد من سلامة الصحة وقوة البنيان.

وأدى هذا لحدوث انتعاشًا وتعزيزًا قويًا للجيش الفرنسي، وهذا جعله يتمكن من الاشتباك في العديد من الجبهات واستطاعوا السيطرة على بلجيكا ليتمكنوا بعد ذلك من فرض سيطرتهم على هولندا وتأسيس امبراطورية خاضعة لحكمهم وتم عقد اتفاقية سلام مع كل من روسيا وأسبانيا.

وقرر التحالف المعادي لفرنسا دعم الملكيين لإثارة أعمال الشغب في باريس ليكون المتصدي الأول لتلك الأعمال نابوليون بونابرت، والذي استطاع السيطرة عليها وقام بتشكيل حكومة جديدة على أثر ذلك.

 قررت الحكومة الفرنسية لاحقا الدفع بحملتين الأولى باءت بالفشل، وتلك التي كانت متجهة نحو الأراضي الألمانية، بينما المتجهة نحو شمال إيطاليا بقيادة نابليون بونابرت استطاعت تعويض الهزيمة بنصر كبير، فيما تم احتلال منطقة ميلان والسيطرة على العديد من المناطق الأخرى، كحصار مانتوفا والذي لم تستطع النمسا منعه أو التخلص منه.

بعد عام من الحصار قررت النمسا خوض المحاولة الأخيره لفك الحصار، فتم إرسال جيشين أحداهما بقيادة بروفيرا والأخر بقيادة الفيستي للهجوم على ريفولي، فقد وقع الاختيار على تلك المنطقة للتمكن من الوصول لمعبر يسهل لهم التمركز في شمال مانتوفا المحاصرة.

كان التفوق العددي في تلك الأثناء لصالح جيش النمسا البالغ عدده حوالي 28 ألف جندي في مقابل 19000 في الجانب الفرنسي تحت قيادة نابليون.

وفي عام 1797 كل الأوضاع دلت على حرب قريبة وعاجلة في رافلي، ثم بدأت التجهيزات للمعركة المنتظرة، فمن جانب النمسا قرر القائد الفيتسي تقسيم قواته لخمس مجموعات تم توزيعهم بنظام للهجوم من جميع الجهات على القوات الفرنسية بالإضافة لقطع الطريق الذي من شأنه السماح لجنود نابليون بالهروب من المعركة في حال الهزيمة، وبدأت المعركة في الساعة السابعة صباحًا.

وشنت قوات النمسا هجومها المنظم على القوات الفرنسية، مما أدى إلى انهيار ميسرة الجيش الفرنسي لكن سرعان ما تلقى نابليون بونابرت الدعم من قوات الطلائع، حتى أعاد الروح لجنوده من جديد، وواجه جيش النمسا وقرر هجوم على ميمنه وقلب الجيش الفرنسي.

أدرك نابليون بونابرت أن النصر سيكون لهم عند صد الهجوم القادم من الشرق، لكنه لن يتمكن من ذلك إلا حين يتغلب على القوات المهاجمة من الجنوب الغربي، وقام بتأمين الجبهة الشرقيه بإرسال المدفعية وإطلاق النار من مدى قريب من جيش النمسا، ومن جهتهم قرر الجنود الاحتياط تنفيذ الهجوم على المضيق فرفعت قوات النمسا هناك راية الاستسلام وتراجعت خارج مدى المدفعية.

كما بقيت قوات الوسط للجيش الفرنسي دون دعم من جنود الخيالة وجنود المدفعية، مما دفع جيش النمسا جنوده بقوة نحو نهر تاسو للتأمين، ومن الساعة السابعة وحتى الرابعة عصرًا، وصلت الخسائر النمساوية لـ 14000 جندي منهم القتل والجرحى والأسرى، بينما الجيش الفرنسي كانت خسائره 3500 من الجنود.

وكل ما حدث من جيش النمسا كان الاشتباك فيه بين الفرنسيين بالكامل وجيش النمسا بقيادة الفيستي فقط، كما بقيت قوات بروفيرا تتابع الأحداث عن قرب وما أن وصلت الأوضاع لتلك المرحلة ظهر جيش بروفيرا الذي اتجه إلى مانتوفا لفك الحصار واستكمال ما لم ينجح فيه جيش الفيستي.

وفي صباح اليوم التالي تحرك نابليون بنفسه لتشديد الحصار على مانتوفا وأرسل قوات لقطع الطريق على قوات بروفيرا، واشتد الحصار حتى أيقن قاطني مانتوفا أن السلام في الاستسلام وتبعهم بدوره جيش بروفيرا على إعلان الخضوع.

اقرأ أيضًا: استمرت 30 عام.. تعرف على أسرار حرب البسوس القصة الأشهر في تاريخ العرب

ووفقًا للمسؤولين في النمسا، فقد اكتشفوا أن استمرار الحرب لن يأتي بالخير عليهم فطلبوا بتوقيع معاهدة سلام بين الطرفين، وبالفعل تم توقيع معاهدة كامب فورميو في الثامن عشر من أكتوبر لعام 1797 لتنتهي بذلك حرب التحالف الأول والمعروفه بحرب ريفولي بنصر مدون لنابليون بونابرت وهزيمة ساحقة للجيش النمساوي، ووضعت تلك المعركة نابليون على أول الطريق لاستكمال سلسلة الحروب النابليونية.