الخديوي إسماعيل بين النهضة والإفلاس.. القصة الكاملة من بناء مصر لبوابة الديون

الخديوي إسماعيل بين النهضة والإفلاس.. القصة الكاملة من بناء مصر لبوابة الديون
قصة الخديوي اسماعيل

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، برزت شخصية محورية في تاريخ مصر الحديث، وهو حاكم مصر، والذي افتتح قناة السويس، نروي لكم ضمن السطور التالية عبر موقع أبرز التفاصيل حول الخديوي إسماعيل.

نشأة الخديوي إسماعيل وتعليمه

هو إسماعيل ابن إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا، ولد في قصر المسافر خانه بحي الجمالية في القاهرة يوم 31 ديسمبر 1830، كان الابن الأوسط بين ثلاثة أبناء لإبراهيم باشا، غير أشقاء، وهم الأمير أحمد رفعت والأمير مصطفى فاضل، كان والده إبراهيم باشا القائد الأعلى للجيوش المصرية.

حظي إسماعيل بتعليم جيد؛ فتعلم مبادئ العلوم واللغات العربية والتركية والفارسية، بالإضافة إلى القليل من الرياضيات والطبيعة، أُصيب في صغره بمرض الرمد الصديدي، ولم يُكتب له الشفاء في مصر، فاضطر والده للذهاب به إلى دمشق حيث المناخ المعتدل لعلّه يعينه على شفائه، رغم التحسن الملحوظ، إلا أن جفونه ظلت تؤلمه، فأرسله والده إلى فيينا للعلاج، وكان عمره حينها 14 عامًا.

في فيينا، بدأت انطلاقته الحقيقية، فقد تلقى الرعاية من الأسرة الملكية النمساوية، وربطته علاقة صداقة مع عدد من أمرائها، كما تحسنت حالته الصحية وبدأ بالسفر إلى العديد من الدول الأوروبية، بدءًا من فرنسا.

لم يكن إسماعيل في البداية مُعدًّا للحكم، إذ كان أخوه الأكبر أحمد رفعت هو المؤهل لولاية العهد، فقد قضى إسماعيل حياته الأولى في رعاية مزارعه، لكن في عام 1845، أمر جده محمد علي باشا بانتقاله إلى المدرسة المصرية في باريس، وهي مدرسة عسكرية أُنشئت لتعليم أبناء العائلة العلوية فنون الحرب والإدارة.

مسيرة الخديوي إسماعيل نحو الحكم

لم تستمر المدرسة سوى ثلاث سنوات، فعاد معظم الطلاب إلى مصر، لكن إسماعيل فضّل استكمال دراسته في فرنسا، فالتحق بكلية سان سير الحربية، لما بلغ التاسعة عشرة، توفي والده، فآل الحكم إلى عمه عباس باشا الأول، الذي لم يكن على وفاق مع باقي أفراد الأسرة العلوية، ما دفع إسماعيل إلى مغادرة مصر متوجهًا إلى إسطنبول، حيث نال الحفاوة والتقدير من السلطان عبد المجيد الأول، الذي منحه رتبة الباشوية وعينه عضوًا في مجلس أحكام الدولة.

رفض إسماعيل العودة إلى مصر إلا بعد وفاة عمه عباس الأول وتولي محمد سعيد باشا الحكم، كان سعيد باشا على علاقة قوية بإسماعيل، فعينه رئيسًا لمجلس الأحكام الأعلى وأوفده في مهام سياسية لدى نابليون الثالث في فرنسا، كما قابَل البابا بيوس التاسع في الفاتيكان.

بعد وفاة أخيه الأكبر أحمد رفعت في حادث مأساوي، أصبح إسماعيل ولي العهد، وبدأ عمه محمد سعيد يعهده بمسؤوليات كبيرة، حتى أصبح قائدًا عامًا للجيش، ثم ولي الحكم بعد وفاة عمه في عام 1863.

الخديوي اسماعيل
الخديوي إسماعيل بين النهضة والإفلاس

 

إصلاحات وإنجازات الخديوي إسماعيل

عكف إسماعيل على ترسيخ سلطته، ونجح في إصدار مرسوم عثماني بجعل وراثة الحكم في أكبر أبناء والي مصر من الذكور، ثم حصل على لقب الخديوي، ليصبح أول من حمل هذا اللقب في الأسرة العلوية.

اهتم إسماعيل بتطوير البلاد، فحقق نهضة في العلم، الاقتصاد، والعمران، ومنها:

  • تحويل مجلس المشورة إلى مجلس شورى النواب، لتمكين المصريين من اختيار ممثليهم.
  • تحويل الدواوين إلى نظارات (وزارات)، وشكّل أول وزارة تشاركه الحكم.
  • إنشاء صحف مثل الأهرام والوطن.
  • زيادة الرقعة الزراعية بحفر ترع الإبراهيمية والإسماعيلية.
  • إنشاء 19 مصنعًا للسكر ومنارات لتسهيل التجارة.
  • تعزيز التعليم بزيادة ميزانية وزارة المعارف (التربية والتعليم حاليًا)، وإنشاء مدارس عليا جديدة مثل:
    -مدرسة الفنون والصناعات
    -مدرسة الألسن والإدارة
    -مدرسة دار العلوم
    -مدرسة المحاسبة والمساحة
    -مدرسة علم المصريات (الإيجوجيا)
  • إنشاء قصور فخمة مثل:
    -قصر عابدين
    -قصر القبة
    -قصر رأس التين
    -دار الأوبرا المصرية

أعظم إنجازاته كان افتتاح قناة السويس في 16 نوفمبر 1869، بحضور ملوك وأمراء أوروبا في احتفال ضخم بلغت تكاليفه مليون ونصف جنيه.

أزمة الديون وسقوطه من الحكم

لكن هذه الإنجازات كانت مكلفة، فقد أغرق مصر بالديون بسبب قروضه المتعددة من البنوك الأوروبية، عندما تراكمت الديون، اضطر إسماعيل لبيع أسهم الحكومة المصرية في قناة السويس للحكومة البريطانية، مما سمح للأوروبيين بالتدخل في شؤون مصر.

بحلول عام 1876، وصلت ديون مصر إلى 91 مليون جنيه، وبلغت فوائدها السنوية 6 ملايين جنيه، ما يعادل ثلث إيرادات الدولة، ولحل الأزمة، أنشأ إسماعيل "صندوق الدين" الذي أدارته الدول الأوروبية، مما قلص استقلال مصر.

أرادت القوى الأوروبية عزله، لكنه رفض التنحي طواعية، فمارسوا الضغط على السلطان العثماني حتى أصدر قرارًا بعزله في 26 يونيو 1879، وعُين ابنه الخديوي توفيق خلفًا له.

نهاية الخديوي إسماعيل

غادر إسماعيل مصر متجهًا إلى نابولي في إيطاليا، ثم استقر في إسطنبول حتى وفاته عام 1895.

اقرأ أيضًا:

الملكة فريدة والملك فاروق.. صراع الحب والخيانة وأسرار النهاية المؤلمة

سر تغيير اسمها..حكاية الملكة فريدة محبوبة المصريين وقصتها مع الملك فاروق

قصة آخر ملكات مصر ناريمان.. باعت زوجها الملك فاروق وهذه كانت نهايتها

من القصر إلى المنفى.. ما لا تعرفه عن الملكة نازلي | «حكاية تاريخية لا تُنسى»

العلامات

موضوعات ذات صلة

تعليق / الرد_من